اقتصاديات السدود في إفريقيا جنوب الصحراء

إن الأهداف الأساسية لكل مشروع تنمية مائية ينبغي أن تشمل التخفيف من حدة الفقر، وتحسين مستوى معيشة السكان، وإعادة توزيع الدخل الإقليمي، والكفاءة الاقتصادية، وحماية البيئة، والتنمية الإقليمية. وكل هذه القضايا لا بد أن يتم تقييمها على خلفية التكاليف الباهظة (المالية والبشرية) التي تدخل في التخطيط، والتصميم.
وبالإضافة إلى المعايير الكلاسيكية للجدوى الفنية والاقتصادية والمالية؛ فإن مشاريع التنمية مثل السدود، لا بد أن تُلبِّي معيارًا رابعًا، ألا وهو القبول الاجتماعي والبيئي والسياسي.
ويوجد في إفريقيا جنوب الصحراء عشرات السدود الكبيرة ومئات الخزانات والسدود الصغيرة، وفَّرت مجموعة من الفوائد، منها تحقيق التوازن بين التباين في توافر المياه، وتوليد الطاقة، وتوفير الحماية ضد الفيضانات. غير أنها في أحيان أخرى أثارت مشكلات بين الدول، أو داخل المجتمعات المحلية، وأضرَّت بالنظم الأيكولوجية والبيئية، وتسبَّبت في انتشار بعض الأمراض. غير أن تعرُّض العديد من المناطق في القارة للتغيُّر المناخي، وعدم القدرة إلى الوصول إلى الكهرباء والمياه، قد جعل من إنشائها ضرورة حتمية محليًّا، ووضعتها على خارطة المشروعات العالمية للدول الكبرى.
أولًا: الإطار النظري: السدود والتنمية
لقد بُنيت السدود منذ آلاف السنين؛ لإدارة الفيضانات، وتوليد الطاقة، وتنظيم وتوفير المياه للشرب أو للصناعة، أو لري الحقول. ومنذ بداية الخمسينيات شُيِّدت آلاف السدود الكبيرة سواء عن طريق الحكومات أو القطاع الخاص، والتي فاقت 45 ألف سدّ على مستوى العالم، كما تُبنَى أعداد متزايدة منها مع زيادة السكان ونمو الاقتصادات؛ لتلبية احتياجات الطاقة أو المياه. واليوم، يوجد ما يقرب من نصف أنهار العالم بها سدّ كبير واحد على الأقل.
ومع بداية القرن الجديد، يعتمد ثلث بلدان العالم على الطاقة الكهرومائية لأكثر من نصف إمداداتها، وتُولّد السدود الكبيرة 19% منها. كما بُنِيَت نصف السدود الكبيرة في العالم حصريًّا للري، ويعتمد حوالي 30-40% من 271 مليون هكتار مروية في جميع أنحاء العالم على السدود. ولها دور مهم في التنمية الإقليمية، وخلق فرص العمل، وتعزيز الصناعة، وجلب النقد الأجنبي من خلال تصدير الكهرباء أو من خلال بيع المحاصيل النقدية أو المنتجات المصنَّعة من الصناعات كثيفة الاستهلاك للكهرباء، مثل صناعة الألومنيوم.
غير أن السدود، وعلى مدار نصف القرن الماضي، كان لها تأثيرات اجتماعية وبيئية زادت الجدل حولها. فقد أدَّت إلى تجزئة وتحويل أنهار العالم، وتشير التقديرات إلى أن 40-80 مليون شخص نزحوا بسبب خزانات السدود. وقد أدَّت الاستثمارات الهائلة والتأثيرات الواسعة لها إلى اشتعال الصراعات حول مواقعها وتأثيراتها، مما جعلها واحدة من أكثر القضايا إثارةً للجدال في مجال التنمية. ويشير المؤيدون إلى متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تهدف السدود إلى تلبيتها،ويشير المعارضون إلى التأثيرات السلبية للسدود، مثل عبء الديون، وتجاوز التكاليف، ونزوح الناس وإفقارهم، وتدمير النظم البيئية المهمة وموارد الأسماك، والتقاسم غير العادل للتكاليف والفوائد.
وقد زاد دعم البنك الدولي للتنمية لمشاريع المياه، بما في ذلك السدود، بنحو 3.5 مرة في غضون ست سنوات، من 1.8 مليار دولار في عام 2003م إلى 6.2 مليار دولار في عام 2009م. وخلال القرن الحادي والعشرين، أصبح النقاش حولها أقل استقطابًا. فقد أدَّت المخاوف بشأن التأثيرات الاجتماعية والبيئية الناجمة لها، وعواقبها السياسية، إلى تبنّي معظم البلدان لعمليات أكثر انفتاحًا في مجال بنائها، وتحسَّنت عملية التخطيط وتنفيذ خطط التعويض، والأمر الأكثر أهمية هو أن السكان أصبحوا أكثر اطلاعًا، ووعيًا بحقوقهم.
وقد كانت العوامل الرئيسية وراء الطلب على الطاقة، هي النمو السكاني والدخل، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8.3 مليار بحلول عام 2030م، وأن يتضاعف الدخل العالمي تقريبًا عن مستواه في عام 2011م. وستمثل الاقتصادات المنخفضة ومتوسطة الدخل غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكثر من 90% من النمو السكاني.
ومن المتوقع أيضًا أن تُسهم بنسبة 70% من نموّ الناتج العالمي وأكثر من 90% من زيادة الطلب العالمي على الطاقة. كما سيزداد استهلاك الطاقة عالميًّا بنسبة 53٪ من عام 2008م إلى عام 2035م. وسيستمر الوقود الأحفوري في توفير الكثير من الطاقة، ولكن الطاقة المتجددة ستشهد أسرع نموّ؛ حيث سترتفع من 10٪ من إجمالي استخدام الطاقة في عام 2008م إلى 14٪ عام 2035م. بالنسبة لإنتاج الطاقة، في عام 2010م فقط، بلغ سحب المياه في حدود 580 مليار متر مكعب، منها 70 مليار؛ حيث يمثل قطاع الطاقة أكثر من 90٪ من إجمالي الكمية. وهذا يُوضِّح الاعتماد القوي بين المياه والطاقة.
وبشكل عام، تسحب محطات الطاقة الحرارية الكهربائية حوالي 94 لترًا من المياه لكل كيلو واط/ساعة من الكهرباء المولدة، وذلك في المقام الأول للتبريد. ولأن من المتوقع أن تزيد قدرة توليد الطاقة الحرارية الكهربائية بنحو 15% بين عامي 2008 و2035م، فمن المتوقع أن يزيد استهلاك المياه من 28% إلى ما يقرب من 50% على المستوى الوطني، مما يؤدي إلى زيادة المنافسة على موارد المياه. ومن حيث مصادر الطاقة المتجددة، تمثل الطاقة الكهرومائية أكبر مصدر متجدد لتوليد الطاقة في العالم. وكانت تستفيد منها 160 دولة حتى عام 2008م، وبلغت القدرة العالمية المركبة للطاقة الكهرومائية في نفس العام حوالي 874 جيجاوات، باستثناء مخططات التخزين بالضخ، وأنتجت 3431 تيراوات/ساعة في عام 2010م، كما تلبّي حوالي 16% من احتياجات الكهرباء العالمية. وقد حدث ما يقرب من 90% من الزيادة في الإنتاج، ومِن المتوقَّع أن يحدث ذلك بين عامي 2010 و2035م، في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون؛ حيث تكون الإمكانات المتبقية أعلى من تلك الموجودة في بلدان منظمة التعاون، وحيث يكون نموّ الطلب على الكهرباء أقوى.
ثانيًا: السدود الكبيرة والتنمية في إفريقيا جنوب الصحراء
حتى عام 2024م، كان يوجد في إفريقيا العديد من السدود الكبيرة التي تلعب دورًا حيويًّا في إدارة المياه وتوليد الطاقة. غير أنه لا توجد إحصائية دقيقة واحدة تُحدِّد العدد الإجمالي لتلك السدود. وفي الأخير يوجد في إفريقيا العديد من السدود الكبيرة، معظمها مقامة على أنهار النيل والكونجو والنيجر. ومع هذه السدود يوجد 980 سدًّا آخر صغيرًا، أو خزان مياه موجّه للاستخدام البشرى والزراعة. تمتلك جنوب إفريقيا وحدها 589 منشأة منها، والسد الكبير هو السد الذي يكون ارتفاعه من أدنى جزء من الأساس العام إلى قمته أكبر من 15 مترًا.
ولم يتم التوصل إلى أرضية مشتركة بشأن المساهمة التنموية لخمسين ألف سد حول العالم، فبعد أربعة عشر عامًا من إنفاق لجنة السدود العالمية ثلاثة أعوام وعشرة ملايين دولار في محاولة تحديد دورها في التنمية، لا يزال الجدل محتدمًا. وقد عالَج الدكتور عاطف أنصار -من كلية بلافاتنيك للحكم بجامعة أكسفورد- هذا الوضع جزئيًّا؛ حيث قدَّم بيانات عن 245 سدًّا في لجنة أكسفورد. واستنتج أن السدود لم تُحقِّق أداءً جيدًا من الناحية الاقتصادية، بل إنها تجاوزت تكاليفها في كثير من الأحيان. واقترح البروفيسور “ديفيد جراي” من كلية الجغرافيا والبيئة بجامعة أكسفورد أن الفوائد المتعددة للسدود الكبيرة غالبًا ما يتم التقليل من شأنها، مع وجود علاقات مباشرة بين الناتج المحلي، وأعداد السدود الكبيرة، ونُدرة المياه
غير أن معاناة إفريقيا من تقطع الأمطار، وحاجتها إلى تخزينها، ووجود نحو 585 مليون شخص محرومين من الكهرباء في جنوب الصحراء، فضلًا عن الحاجة إلى الري الدائم لتأمين سبل العيش، ليبرز مدى أهميتها. غير أن التحدي هو أن مجاري المياه مكتظة بالسكان، والسهول الفيضية تستخدم مِن قِبَل المجتمعات المحلية. كما أن المواقع الجيدة للسدود التي تجمع بين الوديان العميقة وقلة السكان نادرة، وفي بعض بلدان غرب إفريقيا (مثل غانا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وغامبيا) غير موجودة.
وقد سلَّط الدكتور “ديفيد تورتون” -من مركز الدراسات الإفريقية بجامعة أكسفورد- الضوء على التأثيرات المتوقعة لسد جيبي الثالث الذي يبلغ ارتفاعه 243 مترًا في إثيوبيا على 100 ألف مزارع ورعاة في نهر أومو السفلي وسكان بحيرة توركانا في شمال كينيا. وهناك مخاوف من أن يؤدي هذا السد إلى خفض مستوى البحيرة بما يصل إلى 20 مترًا، مع تأثيرات سلبية كبيرة على سبل عيش السكان المحليين الذين يعتمدون على الزراعة وصيد الأسماك. لقد كان المشروع معيبًا، مع الافتقار إلى الشفافية أثناء مرحلة التخطيط والبناء، وانتقادات لتقييم الأثر البيئي. ولكنّ السد سوف يُوفِّر قدرًا كبيرًا من الكهرباء (1870 ميغاواط، أي أكثر من القدرة الحالية لكامل كينيا) والري بالجاذبية للأراضي الزراعية، مما يخلق إمكانية الاستثمار المباشر الأجنبي في عشرات الآلاف من الهكتارات من قصب السكر والمحاصيل المروية الأخرى. قد يكون هذا بمثابة تنمية تحويلية، لكنه ليس تشاركيًّا وشاملًا.
من جهة أخرى؛ خضع سد كانداجي في النيجر، والذي من شأنه أن يؤدي إلى تهجير 38 ألف شخص، لسياسات الضمان الشاملة. وقد كُلِّفت لجنة أكسفورد بذكر مثال لسد “جيد”، واختار البروفيسور “جراي” سد مانانتالي في مالي، مستشهدًا بملكيته المشتركة بين ثلاث حكومات وطبيعته العابرة للحدود، وتوليده العالي للطاقة الكهرومائية، وحقيقة أن تكاليف الاستثمار فيه قد تم سدادها في غضون 25 عامًا. ومع ذلك، فقد ورد أن مستويات الإصابة بالبلهارسيا بين الأطفال في مجرى النهر قد زادت بشكل كبير، وذكر التقييم الرسمي للمشروع أن “تطوير الري كان أقل من التوقعات المقبولة، وأدى نقص الأراضي وندرة فرص العمل إلى خلق استياء بين الذين أُعيد توطينهم، مما خلق توترات بين المجتمعات التي أُعيد توطينها وتلك المضيفة
وقامت دول غرب إفريقيا ببناء أكثر من 150 سدًّا، مما أدى إلى زيادة سعة تخزين المياه وتنظيم مجاريها لدعم التنمية. غير أنها أدت في كثير من الأحيان إلى نزوح السكان، مما أثَّر غالبًا على الآلاف من الناس: 80 ألف شخص في حالة بحيرة فولتا في غانا التي أنشأها سد أكوسومبو؛ و75 ألف شخص في حالة سد كوسو في ساحل العاج.
كما وجد أن هناك نمطًا غير متساوٍ لتطوير السدود الكبيرة في القارة، فبالاستعانة بدراسة مقارنة لسد كاهورا باسا ومشروع إنجا الثالث، تبين أن عوامل مثل انعدام الأمن وعدم اليقين في النظام، ونوع النظام والمؤسسات، وسياق واهتمام الجهات الفاعلة، فضلًا عن السوق وقرب السوق يمكن أن تُحفّز وتعوق بنفس القدر قدرة الحكومة المضيفة على الالتزام الموثوق به بالتعاون الاستثماري في السدود الكبيرة.
ومن ناحية أخرى تعتمد الدول الإفريقية بشكل كبير على الطاقة الكهرومائية؛ فمن بين 54 دولة، يوجد لدى 41 دولة محطة طاقة كهرومائية عاملة واحدة على الأقل.
وفي عام 2022م، بلغ توليد الطاقة الكهرومائية 151 تيرا واط/ ساعة، وهو ما يمثل ثلاثة أرباع جميع الكهرباء المتجددة و17٪ من إجمالي توليد الطاقة في القارة. تستمد دول مثل الكونغو الديمقراطية وليسوتو وإفريقيا الوسطى وإثيوبيا وأوغندا وسيراليون 90٪ أو أكثر من كهربائها من الطاقة الكهرومائية. وتعتمد تسع عشرة دولة إفريقية على الطاقة الكهرومائية؛ لما لا يقل عن نصف إمداداتها الوطنية، مما يجعلها مصدر طاقة حيويًّا. والبنية التحتية للطاقة الكهرومائية في إفريقيا هي في الأساس نظام خزان تقليدي واسع النطاق. ووفق قاعدة بيانات تضم 297 مشروعًا، تتراوح السعة من منشآت صغيرة بقدرة 90 كيلوواط (كيلو واط) إلى مرافق ضخمة بقدرة 6.4 (جيجاواط). تمثل المحطات صغيرة الحجم (<10 ميغا واط) أكثر من ثلث المنشآت، في حين تمثل المحطات متوسطة الحجم (<100 ميغا واط) 42% من وحدات التشغيل. وعلى الرغم من أن المشاريع كبيرة الحجم (>100 ميغا واط) تُشكّل أقل من ربع جميع المشاريع؛ إلا أنها تمثل 85% من قدرة الطاقة الكهرومائية الحالية في إفريقيا. تعتمد معظم المشاريع على تكنولوجيا الخزانات التقليدية، والتي تنطوي عادة على ارتفاعات تزيد عن 8 أمتار. وعلى الرغم من فعاليتها في توليد الطاقة، فقد واجهت انتقادات كبيرة بسبب تأثيراتها البيئية والاجتماعية. وعلى النقيض، فإن مشاريع جريان الأنهار، التي تُشكّل أقل من 20% من القدرة التشغيلية في إفريقيا، تستغل تدفق الأنهار الطبيعية وارتفاعها، ولكنها عُرْضة لتغيرات التدفق الموسمية.
ثالثًا: السدود الصغيرة والتنمية في إفريقيا جنوب الصحراء
يُعدّ تغيُّر المناخ مُحرّكًا مُهمًّا للصراع وانعدام الأمن في إفريقيا جنوب الصحراء. فمثلًا في منطقة بحيرة تشاد، تجف المسطحات المائية العذبة لبحيرة تشاد، التي تخدم بين 20 و30 مليون شخص، بسرعة تزيد عن 90٪ منذ عام 1960م. وقد أدَّى هذا إلى الهجرة القسرية والصراع في نيجيريا والكاميرون والنيجر وتشاد. وفي الوقت نفسه، أدَّت الفيضانات في وسط وجنوب نيجيريا إلى تشريد العديد من السكان. وتُعدّ بحيرة تشاد مصدرًا رئيسيًّا للمياه للري والأنشطة الزراعية الأخرى في المنطقة.
ففي نيجيريا، على الرغم من الموارد البشرية والطبيعية الوفيرة، يُسهم انكماش بحيرة تشاد في تنامي الصراع في شمال البلاد. ويرتبط هذا بشكل مباشر بالصراع بين المزارعين والرعاة الذين يقودون ماشيتهم جنوبًا إلى مناطق أخرى بحثًا عن المراعي. ووفقًا لمفوضية اللاجئين، من بين 5 ملايين شخص في إفريقيا تأثروا بشكل مباشر بالفيضانات في عام 2021م، كان بينهم 3.5 مليون نيجيري.
كما تواجه المنطقة أزمات غذائية وتغذوية بسبب تغيُّر المناخ الذي يُسبِّب الفيضانات وصدمات موجات الحر والعواصف وتقلب أنماط هطول الأمطار التي تحد من الزراعة. وأدَّى عدم كفاية الوصول إلى تقنيات الزراعة، والإفراط في الاعتماد على أنظمة الزراعة المطرية وممارسات الكفاف مع تغيُّر المناخ إلى انخفاض في إنتاج الغذاء. وهذا له آثار على القطاع الزراعي في نيجيريا؛ حيث بلغت الواردات بين عامي 2016 و2019م، 3.35 تريليون نيرة، أربعة أمثال إجمالي الصادرات الزراعية للبلاد البالغة 803 مليار نيرة خلال نفس الفترة. وإن تنفيذ السدود الصغيرة، للسيطرة على الفيضانات، وإعادة شحن طبقة المياه الجوفية، ومشاريع الري على مستوى المزارع والقدرات الكهرومائية، سيكون تقنية مناسبة للتمويل مِن قِبَل البنك الدولي في غرب إفريقيا.
وتشير البيانات إلى أن عدد النازحين داخليًّا في حوض تشاد يزيد على 3 ملايين شخص، في حين يزيد عدد اللاجئين على 320 ألف. ويؤثر سوء التغذية الحاد في مرحلة الطفولة على نصف مليون شخص، وأكثر من 11 مليون شخص في تشاد في حاجة إلى مساعدات طارئة. وإذا تم تنفيذ سدود صغيرة الحجم، فيمكن خدمة ملايين الأشخاص هناك.
مِن ثَم تتحقق مجموعة فوائد من الخزانات الصغيرة، تشمل تحسين موثوقية الوصول إلى المياه المنزلية وإمدادات مياه الري الموسعة، فضلًا عن زيادة ري الماشية وزيادة الأنشطة الريادية، وتحسين الأمن الغذائي للأُسَر، وزيادة دخلها، والحدّ من الهجرة الخارجية، وتمكين المرأة. وكانت التكاليف التي تم تحديدها أقل نسبيًّا من الفوائد؛ حيث اقتصرت على الصراعات في المجتمعات بشأن المياه واستخدام الأراضي، ورسوم العضوية للمستخدمين، والآثار الصحية السلبية الناجمة عن الأمراض المرتبطة بالمياه. مع وجود بعض العوامل التي تؤثر على أداء تلك الخزانات، مثل الصيانة غير الكافية، والترسيب السريع، والمؤسسات غير الفعّالة.
وقد كشفت الأدلة من (16) سدًّا صغيرًا تم فحصها، عن مؤشرات أداء بين مرضية ومرضية للغاية للسدود الصغيرة؛ حيث مثلت شريان حياة للمجتمعات الريفية كما في شمال غانا خلال الجفاف.
رابعًا: السدود الرملية (الترابية) والتنمية في المجتمعات المحلية الإفريقية
تتكون الأراضي الجافة في الجنوب الإفريقي من مجموعة متنوعة من الجغرافيات والثقافات، ولكن القاسم المشترك بينها هو هطول الأمطار غير المنتظم، مما يؤدي إلى نُدرة المياه الشديدة والتعرض للجفاف، وخاصة بالنسبة للفقراء في المناطق الريفية. في منطقة ماتوبو (زيمبابوي)، 13٪ فقط من الأُسَر لديها القدرة على الوصول إلى مصدر للمياه في غضون 15 دقيقة، وفي مقاطعة تيتي (موزمبيق)، أقلّ من 5٪ من الأُسَر لديها مياه الأنابيب. تم استخدام منحة لجنة التنمية الدولية لجزيرة مان (IDC) لبناء برامج السدود الرملية المستدامة في تلك المناطق على مدى 12 شهرًا. تم بناء تلك السدود في كل من موزمبيق وزيمبابوي، مما يوفّر مصدرًا مستدامًا للمياه على مدار العام لثلاث مجتمعات تعاني من الجفاف الشديد.
كان الهدف العام للمشروع تحسين إمدادات المياه الريفية والقدرة على التكيُّف مع المناخ، وتخفيف حدة الفقر في الأراضي الجافة المهمَّشة من خلال توسيع نطاق استخدام السدود الرملية من خلال تحسين بناء السدود الرملية في المنطقة المستهدَفة، تبادل المعرفة من خلال تبادل التعلُّم بين الأقران مع الشركاء الإقليميين، جمع أدلة جودة المياه وملف الرواسب، دراسة جدوى السدود الرملية في ماتوبو، زيمبابوي، تحسين توافر المياه وجودتها لـ 2890 شخصًا في زيمبابوي وموزمبيق.
كما يقع سد ويرامو الرملي في منطقة تشانغارا، ذات المناخ الجاف الذي يجعلها عُرضة للجفاف الذي يتسبَّب في انعدام الأمن الغذائي وأزمات معيشية لكثيرين. وتصل معظم الأمطار (بمعدل 650 ملم) كل عام بين ديسمبر وفبراير، مما يترك فترة جفاف طويلة، وندرة شديدة في المياه. ويؤثر هذا النقص في المياه سلبًا على المجتمع بأكمله، وخصوصًا على النساء والأطفال الذين يُكلَّفون بالسفر لمسافات هائلة كل يوم لجمع المياه. وذكرت النساء في المجتمع أنهن قبل بناء السد “كن يقضين كل يوم تقريبًا في البحث عن 20 إلى 40 لترًا على الأقل من المياه للاستخدام المنزلي”.
وسيوفر السد الرملي الجديد ساعات كل يوم حتى تتمكّن النساء من التركيز على أشياء أخرى، مثل الزراعة، ويمكن للأطفال قضاء المزيد من الوقت في المدرسة. وبصرف النظر عن الاستخدام المنزلي، يخطط المجتمع أيضًا لاستخدام الوصول المحسن للمياه للزراعة، حتى يتمكنوا من زراعة المزيد من المحاصيل للأكل والبيع. في السابق، اضطرت الأُسَر إلى “تقليص عدد الوجبات في اليوم من ثلاث إلى اثنتين”؛ بسبب ضعف الإنتاج الزراعي.
وفي السنوات الأخيرة، كان نُدرة المياه شديدة لدرجة أنهم لم يتمكن الناس إلا من حصاد موسم واحد بدلًا من موسمين في السنة، وأن جودة الغذاء المزروع كانت أسوأ بكثير من المعتاد. ويشعرون أن معالجة هذه القضايا هي التأثير الأكبر الذي سيحدثه السد.
ويُعدّ بناء السدود الترابية الصغيرة أمرًا شائعًا في غرب إفريقيا لمواجهة ندرة المياه، فبوركينا فاسو، هي موطن لـ1001 سدّ تخدم الاحتياجات الزراعية والرعوية. وتتكون هذه السدود في الغالب من اللاتيريت -نوعٌ من أنواع التربة الغنيّة بالحديد والألومنيوم-، وهي مادة فعَّالة من حيث التكلفة ومتوفرة في أكثر من ثلثي البلاد. ومع ذلك، تتدهور هذه السدود بمرور الوقت، مما يُعيق وظيفتها. وقد كشفت عينة لـ 24 سدًّا منها أن هذه السدود تم بناؤها بين عامي 1965 و2018م، بسعات تتراوح من 150 ألف إلى 4.74 مليون متر مكعب. وقد تعرَّضت 33% منها لفشل تام، ويرجع ذلك إلى عوامل مثل التآكل الداخلي، وزيادة الضغط على المسام، والترسيب، والتشوّه. وعلى الرغم من أن 67% منها لا تزال تعمل، إلا أنه من الممكن تحسين سلامتها البنيوية.
خامسًا: مشروع مياه المرتفعات في ليسوتو والتنمية الإقليمية
تمتلك ليسوتو واحدة من أنقى المياه العذبة في العالم أو ما يُطلَق عليه «الذهب الأبيض»، وهذا ما يُفسِّر دعم الولايات المتحدة لعجلة التنمية في ماسيرو، والذي كان أثره واضحًا، بدليل استفادتها من قانون النمو والفرص في إفريقيا «أغوا» لتصبح أكبر مصدر للملابس لواشنطن من إفريقيا جنوب الصحراء، وتمويل الاتحاد الأوروبي لمبادرة «رينوكا»، وتعني «نحن النهر» لاستعادة موارد المياه لمستقبل مائي آمِن.
يُعدّ مشروع مياه مرتفعات ليسوتو (LHWP)، وهو مبادرة مشتركة بين ليسوتو وجنوب إفريقيا، أمرًا بالغ الأهمية لنقل المياه من ليسوتو إلى نظام نهر فال المتكامل، الذي يزوّد جوتنج والمناطق المحيطة بالمياه. يتضمَّن المشروع سدودًا وأنفاقًا متعددة تولّد الكهرباء لليسوتو. المرحلة الأولى، التي اكتملت في عام 2003م، تنقل 780 مليون متر مكعب من المياه سنويًّا، بينما ستضيف المرحلة الثانية، التي قيد الإنشاء، 490 مليون متر مكعب سنويًّا.
إنّ الأهداف التنموية للمشروع هي ضمان الأمن المائي لمنطقة جوتنج في جنوب إفريقيا، وتحسين التنمية الاجتماعية والاقتصادية في ليسوتو من خلال تحسين البنية التحتية وإمكانات توليد الطاقة الكهرومائية. ويُموِّل المشروع من بنك التنمية الإفريقي وبنك التنمية الجديد وحكومة جنوب إفريقيا. وسيُوفِّر المشروع مصادر مياه آمنة ومستدامة للسكان الذين يعيشون في منطقة جوتنج التي تغطي خمس مقاطعات (جوتنج، وفريستيت، ومبومالانجا، وشمال غرب وجنوب كيب) في جنوب إفريقيا، ويبلغ عدد سكانها مجتمعة 26 مليون نسمة، و60٪ من اقتصاد الدولة. ويضمن المياه التي يتم توصيلها ونقلها إلى نظام نهر فال توفّر المياه للاستهلاك المنزلي والري والصناعات والتعدين. وعلى جانب ليسوتو، سيستفيد أكثر من 85 ألف شخص عند اكتمال المشروع، والذي من المؤكد أنه سيؤثر بشكل إيجابي على أنشطة التنمية المجتمعية، ونمو القطاع الخاص من خلال تحسين البنية التحتية والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وقد تم إنجاز النصف الأول من المرحلة الأولى عام 1998م بتكلفة قُدِّرت بنحو 8 مليارات دولار (وكان أهم إنجازاتها إنشاء سدي كاتسي، ومويلا). بينما جرى إتمام النصف الثاني من المرحلة الأولى عام 2003م. وأجبر النمو السكاني في البلدين على إطلاق المرحلة الثانية عام 2014م، ومن المقرر الانتهاء منها عام 2027م. وتصل أرباح المشروع السنوية 70 مليون دولار، أي نحو 5% من إيرادات ليسوتو، وتوفير مصدر طاقة رخيص. وبالنسبة لجنوب إفريقيا؛ يعتمد أكثر من 20 مليون من مواطنيها على مشروع مياه ليسوتو خاصةً في جوهانسبرغ وبريتوريا، كما يُسهم في تدفئة محطات الطاقة بمرتفعات مبومالانجا وصيانة المصانع الكيماوية في ساسول، واستمرار تشغيل مناجم الذهب في الولاية الحرة، وتَمُدّ بلدات ليمبوبو بالمياه، بالإضافة إلى مناجم البلاتين في الشمال الغربي ومناجم الألماس في كيمبرلي؛ حيث يلعب المشروع دورًا بارزًا في الاستقرار السياسي والاقتصادي في جنوب إفريقيا، تتجلى أهميته، فيما حدث أواخر عام 1998م بعد أشهر من افتتاح النصف الأول من المرحلة الأولى عندما تدخلت جنوب إفريقيا عسكريًّا في ليسوتو من أجل إخماد انتفاضةٍ سياسيةٍ.
بينما تظهر سلبيات المشروع في فقدان الأراضي الصالحة للزراعة وحرمان أبناء الباسوتو من مزارعهم، حيث نفقت الماشية بسبب نقص المراعي، ولم تَعُد هناك أشجار كافية لصنع الحطب من أجل تدفئة السكان على قمم المرتفعات المتجمدة. كما أصبح الفساد ممنهجًا؛ حيث تتنافس شبكات المحسوبية وكتل السلطة المتنافسة من أجل الفوز بالعقود والامتيازات، كما أن الرسوم التي تُدفع إلى ليسوتو أقل من أسعار السوق العالمية، كما ستبرز مشكلات في حال الانتهاء من المرحلتين الثالثة والرابعة؛ حيث تنبأ العديد من علماء المناخ بأن معدلات هطول الأمطار في ليسوتو ستنخفض بنسبةٍ كبيرة خلال الـ50 عامًا المقبلة، في حال قررت ليسوتو إعادة تخصيص خزاناتها للاستخدام في الأغراض المحلية فمن المرجح أن تتدخل جارتها في شؤونها السياسية، وفي جميع الأحوال سيتعرض الآلاف من شعب الباسوتو للتهجير في المراحل الثانية، والثالثة والرابعة
وقد أجريت مقابلات متعمّقة مع ممثلي الأُسَر في ثلاث قرى كانت جزءًا من المرحلة 1أ من مشروع مرتفعات ليسوتو. وأشارت النتائج إلى أن المشروع قد غيَّر سُبُل عيش سكان الجبال الذين يعيشون بالقرب منه.
وقد كشف آخر فحص رئيسي في عام 2019م أن بطانات الفولاذ في أنفاق المشروع بدأت تتآكل. نتيجة طبيعية لتدفق المياه المستمر بمرور الوقت، ولكنه يُشكِّل خطرًا كبيرًا إذا تُرِكَ دون علاج. وإذا فشلت أنظمة الأنفاق، فقد تواجه جنوب إفريقيا نقصًا كارثيًّا في المياه. ولمنع مثل هذه الكارثة، فإن الإغلاق المقرر في أكتوبر 2024 إلى مارس 2025م سيسمح للفنيين بإجراء إصلاحات بالغة الأهمية. وتشمل هذه الإصلاحات تنظيف بطانات الأنفاق بالرمل لإزالة التآكل وتطبيق طلاءات واقية جديدة. والهدف هو تمديد عمر المشروع لمدة تتراوح بين 20 و30 عامًا.
سادسًا: السدود والملاريا في إفريقيا جنوب الصحراء
على الرغم من فوائد السدود المتعددة الآنف ذِكْرها، غير أنها تعمل في كثير من الأحيان على تكثيف انتقال الملاريا، وهو مرض ينقله البعوض ويقتل عالميًّا ما يقرب من 627000 شخص كل عام، معظمهم من الأطفال الأفارقة دون سنّ الخامسة. في المجموع، هناك ما يُقدَّر بنحو 174 مليون حالة إصابة بالملاريا في جنوب الصحراء سنويًّا. كما يُؤدّي المرض إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة خطر الفقر للمجتمعات والبلدان المتضررة. ونتيجة لذلك، تتسبَّب الملاريا في خسائر اقتصادية في المنطقة تزيد عن 12 مليار دولار (ما يعادل 1.3٪ من إجمالي الناتج المحلي) سنويًّا.
حيث توفر شواطئ العديد من خزانات المياه في القارة بيئة مثالية لتكاثر البعوض الناقل للملاريا. كما توفر العديد من المسطحات المائية الأخرى في السدود الصغيرة والبرك والبحيرات الطبيعية والأراضي الرطبة بيئة مثالية لتكاثره. وقد أجرى فريق من المعهد الدولي لإدارة المياه وجامعة نيو إنجلاند بحثًا لتحديد التأثير الكلي للسدود الكبيرة على الملاريا في إفريقيا جنوب الصحراء. وقد تبيَّن أن نحو 15 مليون شخص يعيشون على بُعْد 5 كيلو مترات من تلك السدود، وأن أكثر من 1.1 مليون حالة إصابة بالملاريا سنويًّا ترتبط بهذه السدود. ومن المرجح أن تُسهم السدود المخطط لها حاليًّا في زيادة حالات الإصابة بنحو 56 ألف حالة سنويًّا، وذلك حتى عام 2014م فقط.
وبدراسة تأثير كلٍّ من السدود الصغيرة والكبيرة على الملاريا في أربعة أحواض نهرية في إفريقيا جنوب الصحراء (أحواض أنهار ليمبوبو وأومو توركانا وفولتا وزامبيزي). على الإصابة بالملاريا للسنوات 2000 و2005 و2010 و2015م. وتحليل ما مجموعه 4907 سدود صغيرة و258 سدًّا كبيرًا في الأحواض الأربعة؛ حيث يعيش 14.7 مليون شخص بالقرب من خزاناتهم5 كم) في عام 2015م. وكان العدد السنوي لحالات الملاريا المنسوبة إلى السدود من أيّ حجم عبر الأحواض الأربعة 0.9-1.7 مليون حالة اعتمادًا على السنة، وكان ما بين 77 و85٪ منها بسبب السدود الصغيرة.
تحدث غالبية هذه الحالات في مناطق انتقال مستقر. وتفاوت معدل الإصابة لكل كيلو متر من شاطئ الخزان بين السنوات، ولكن بالنسبة للسدود الصغيرة كان عادةً أكبر بمقدار 2-7 مرة من السدود الكبيرة في نفس الحوض. وخلال الفترة بين عامي 2000 و2015م، أظهر معدل الإصابة السنوي بالملاريا اتجاهًا تنازليًّا كبيرًا لكل من خزانات السدود الكبيرة والصغيرة في مناطق انتقال مستقر في جميع الأحواض الأربعة.
وفي مختلف أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء، يجري تشييد ما لا يقل عن 160 سدًّا بين كبير وصغير. وهذا سبب يدعو إلى القلق ويتطلب تكثيف الجهود لمكافحة الملاريا.
سابعًا: الصين وتمويل السدود في إفريقيا جنوب الصحراء
هناك العديد من أوجه الشراكة في بناء السدود بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء، سواء على مستوى الدول، أو المنظمات أو القطاع الخاص.
غير أنه من بين خصائص قطاع الطاقة المتجددة في إفريقيا كثافة مشاركة الصين فيها. وقد تلاحظ أنها تسعى إلى اتباع نموذج مُحدّد للاستثمارات يشمل التمويل والتطوير واستيراد العمالة والمعدات من الصين. وبتحديد إلى أيّ مدى يتم خلق فوائد اقتصادية مشتركة عندما يطوّر المستثمرون الصينيون تلك المشاريع، وبالتركيز على ثلاثة مشاريع استثمارية صينية في الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وجدت أدلة على “فوائد محدودة.
وبتقدير تأثيرات سد بوي الممول من الصين في غانا، لتحديد التغيير في احتمالية الحصول على الكهرباء، وامتلاك العديد من الأجهزة الكهربائية بين أكثر من 29000 أسرة محلية تتلقى الكهرباء المنقولة من السد. وجد أنه بعد اكتمال السد، زادت احتمالية حصول الأسر التي تعيش في مناطق المعالجة على الكهرباء بنحو 4%. وظهر أيضًا أن الأُسَر الحضرية تشهد زيادة أعلى بكثير في ملكيتها للأجهزة الكهربائية، مما يشير إلى أن التحسن كان في الأسر الحضرية والثرية.
كما قامت البحوث ببناء جغرافية اقتصادية سياسية لمبادرة الحزام والطريق، بالاستعانة بمفهوم آلة المياه الصينية لفحص الممارسات الصينية والنتائج المتعلقة بالأعمال التجارية لبناء سد في إفريقيا، تبين أن المشاركة الصينية في إفريقيا تقع ضمن مشروع عالمي، وأن التنفيذ يتم تحت مظلة مبادرة الحزام والطريق. غير أنه ليس من المؤكد أن تلك المشاريع قادرة على تعزيز المصالح الجيوسياسية والاقتصادية المحددة للصين.
وأخيرًا تتشارك الصين وإسبانيا في بناء أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا في الكونغو الديمقراطية، وهو “سد جراند إنجا” الذي تبلغ تكلفته 14 مليار دولار، والذي يهدف في النهاية إلى توليد نحو 40 ألف ميجاوات من الطاقة. من المقرر أن يُولّد “إنجا 3 ” 11050 ميجاوات مخصصة لجنوب إفريقيا والأسواق الإفريقية الأخرى ومناجم النحاس والكوبالت في الكونغو.
ختامًا:
لا يمكن إنكار دور السدود والخزانات المائية كبيرة كانت أو صغيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية والإقليمية في إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة في ظل عدم قدرة الملايين من السكان على الوصول إلى الكهرباء، والمياه بشكل مستدام وآمِن. وفي ظل التغيرات المناخية، وعدم انتظام هطول الأمطار.
وعلى الرغم من الأضرار التي تتعرض له المجتمعات المحلية والنظم البيئية، وتسببها في بعض الأمراض؛ إلا أنها لازمة لتحقيق التنمية، ويمكن الاستفادة منها إلى أقصى درجة، إذا تراعى عند تصميمها، المشكلات الناجمة عنها، وألا تكون ضمن مشروع عالمي لا تستفيد منه.
المصدر، د. مجدي محمد محمود آدم، مجلة قراءات إفريقية، 5 مارس/ أذار 2025.